وبينت نتائج هذه الدراسات أنه من الممكن تحسين القدرات الذهنية عند الكبر بإعطاء الدماغ الغذاء المناسب الذي يزيد فعالية أدائه ويقاوم الشيخوخة. قد يتساءل البعض.. لماذا تضعف الوظائف الذهنية مع التقدم في السن؟.. وكيف يمكن تقوية أدائها؟وماهي الأغذية المفيدة للمخ؟.. وهل هناك من الأغذية ماقد تضر به؟ الدكتورة سحر العقبي أستاذ الكيمياء الحيوية والتغذية بالمركز القومي للبحوث تجيب عن هذه التساؤلات فتقول إن التغذية السليمة يمكن أن تزيد كفاءة المخ من خلال زيادة كفاءة الخلية العصبية, وأيضا من خلال توفير الموصلات العصبية وزيادة فعالياتها.. وهذا له أهمية كبيرة لأن جهازنا العصبي يتكون من ملايين الخلايا العصبية, والتي تقوم بجميع أعمال المخ كالتركيز والذاكرة والاستيعاب, وتحتاج إلي موصلات عصبية لتقوم بوظيفتها وتتولي مرور الإشارات إو الرسائل خلال الخلايا العصبية.. والجدير بالذكر هنا أن هذه الموصلات العصبية عبارة عن مواد كيميائية وهي أساس عمل الذاكرة والقدرة علي التعلم والفهم.. والجديد الآن أنها تتحكم في الحالة المزاجية أيضا وقد يتساءل البعض: ماهي العلاقة بين الغذاء والموصلات العصبية وتحسين المزاج؟ والإجابة أن هناك علاقة قوية حيث إنها تتأثر بنوع الغذاء المتناول فعلي سبيل المثال: فإن الموصل العصبي الذي يسمي سيروتونين والذي له علاقة مباشرة بالمزاج, وضروري للتمتع بذاكرة نشيطة تحتاج إلي الحمض الأميني تيريبتوفان والمتوافر في اللحوم الحمراء والبقوليات. ــ كما أن الموصل العصبي اسيتايل كولين الذي يؤثر ـ في حالة نقصانه ـ علي الذاكرة كما يحدث في مرضي الزهايمر, فقد تبين أنه يحتاج إلي مادة الكولين المتوافرة بصفة خاصة في صفار البيض... كذلك فإن كل من حمض الفوليك وزيت السمك يؤثران علي كمية ونشاط بعض الموصلات العصبية. ــ وبالنسبة لضعف الوظائف الذهنية المصاحب للتقدم في السن فهو ناتج من ضعف كفاءة نقل الرسائل بين الخلايا العصبية بالمخ والتي تعتبر وظائف أساسية للموصلات العصبية. كما أن زيادة الشقوق الحرة مع تقدم السن يصيب الخلية العصبية ويضعف كفاءتها.. لذا فتناول مضادات الأكسدة في غذائنا يحافظ علي الخلية العصبية ويقاوم ماقد يحدث من ضعف في الذاكرة... ومن أهم الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة الخضراوات والفواكه. ــ وتشير بعض الأبحاث إلي أن الضغوط النفسية المتكررة تؤدي إلي تآكل التوصيلات العصبية بين الخلايا وتؤدي إلي انكماش أحد الأجزاء بالمخ هيبوكامبس وهو أحد مراكز المخ للتذكر.. كما أن هذه الضغوط تحفز من تكوين الشقوق الحرة. ــ وتنبه د. سحر إلي أن الهرمون الأنثوي المسمي الإستروجين إذا أعطي للمرأة في فترة متأخرة من العمر يقوي من الذاكرة حيث يزيد من نشاط الموصل العصبي استيل كولين والذي يرتبط عمله بالذاكرة. كما أن الأنشطة الذهنية والرياضية تزيد من التوصيلات العصبية للمخ وتنشط الذاكرة. ** والآن: ماذا عن الأغذية المفيدة للمخ؟ الأسماك المحتوية علي الأحماض الذهنية أوميجا3 مثل سمك الماكريل والتونا والسالمون والسردين كذلك زيت بذر الكتان المحتوي علي حمض اللينوليك وزيت الزيتون الذي يحتوي علي أحماض دهنية أحادية عديمة التشبع, وهو مفيد أيضا للذاكرة, وزيت السمك الذي يدعم مقدرة توصيل الإشارات بين الخلايا العصبية, فيرفع كفاءة المخ من حيث الذاكرة والتركيز والتعلم. وكذلك البيض المفيد للجهاز العصبي ولكن يكفي تناول بيضتين أسبوعيا لتفي بالغرض ولاتسبب أضرارا لإحتوائه علي الكوليسترول. بالاضافة إلي الخضراوات الورقية كالجرجير والمقدونس والخس وغيرها وتناول الخميرة أيضا... وكلها غنية بحمض الفوليك الذي يزيد كفاءة المخ. ــ ومن المعادن النادرة المهمة للمخ عنصر السيلنيوم الذي يقاوم أضرار الشقوق الحرة بالخلية العصبية, والضروري لعمل الموصلات العصبية ويعتبر الثوم من الأغذية الغنية به. ــ أما فيتامين هـ فهو من أهم الفيتامينات التي لها دور واضح في الحفاظ علي الذاكرة وهو من مضادات الأكسدة وله فائدة كبيرة في عرقلة تقدم الزهايمر ويوجد في الخس, والمكسرات والحبوب الكاملة.. ــ كما يعتبر فيتامين ج أيضا من مضادات الأكسدة ويحافظ علي نشاط المخ وحيويته ويوجد في الموالح والفلفل الأخضر والجوافة. ومن الفيتامينات المفيدة أيضا النياسين وهو أحد أنواع فيتامين ب المركب ويوجد في الخبز الأسمر والخميرة والحبوب.. وهذا الفيتامين يحفز تكوين البروتينات اللازمة لترحيل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدي إلي الذاكرة بعيدة المدي, ويحسن أيضا من انتقال النبضات الكهربائية بين الخلايا العصبية. كما أن فيتامين ب6 يقاوم الضعف الذي قد يصيب الوظائف الذهنية للمخ ويوجد في الخميرة, والحبوب الكاملة والبقول, والمكسرات, والدجاج, والخضراوات الورقية. ــ أما فيتامين ب الذي يوجد في الأسماك والكبدة والكلاوي واللبن والقواقع البحرية.. فهو مفيد وضروري للقدرة علي التذكر لدي كبار السن.. ويزيد فيتامين ب12 من قدرة المخ علي الإستفادة من الجلوكوز فيقوي النشاط الذهني.. ويوجد في الخميرة, وصفار البيض, والحبوب الكاملة والكبدة. أغذية تضر بالمخ تشير د. سحر العقبي إلي أن هناك من الأعذية ماقد تضر بكفاءة المخ والذاكرة كالدهون المشبعة وتوجد بكثرة في الأغذية السريعة التجهيز المنتشرة هذه الأيام, فهي تسبب مشاكل تصلب الشرايين بالمخ الذي يؤدي إلي ضعف الذاكرة وقلة التركيز. ـ كما أن تناول الأغذية الغنية بالأحماض الدهنية المشبعة وأيضا الكوليسترول, وزيادة مستوي مادة الهوموسيستين بالدم مع نقص المتناول من حمض الفوليك له تأثيره الضار علي الشرايين ويؤدي إلي خلل في الدورة الدموية بالمخ, مما قد يسبب بدوره تدهور الوظائف الذهنية كالذاكرة.. حيث إن الهوموسيستين له تأثير سام علي الخلية العصبية وقد يسبب قتل خلايا المخ. لذا فإن مرضي السكر وارتفاع الضغط غير المسيطر عليه عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وضعف القدرات الذهنية مقارنة بالأصحاء.. لذا تنصح د. سحر لتجنب مخاطر ارتفاع الأحماض الدهنية المشبعة بعدم الإفراط في تناول اللحوم الحمراء والسكريات والحلوي والابتعاد عن الدهنيات المشبعة الموجودة فيها والإقلال عن تناول الوجبات السريعة والاقبال علي الخضراوات والفواكه الطازجة والأغذية المحتوية علي زيت السمك.. وتنصح ايضا بالإقلال من ملح الطعام بقدر الإمكان وتناول الفواكه والخضراوات المحتوية علي البوتاسيوم كالموز والطماطم والموالح.. لأن البوتاسيوم مهم جدا لصحة المخ حيث يقي الطبقة الداخلية للأوعية الدموية من مخاطر الشقوق الحرة, ويحمي الأوعية الدموية للمخ, ويحافظ علي سلامة دورته الدموية. كلمة أخيرة: ومازال الدماغ حاملا لأسراره التي يتم كشفها تدريجيا.. وآخرها منذ سنوات قليلة عرفنا أنه مخلوق مرح.. وهو يشبه صاحبه من حيث أن حاجته الأولي هي المتعة.. ففي غيابها تصاب الخلايا العصبية بالكسل... وحين تواجه وضعا جديدا وانفعالات قوية وإيجابية تنشط وتتمدد في كل الاتجاهات أي أنها تنمو.. وكلما مارسنا نشاطات ذهنية وبشكل ممتع إزداد ذكاؤنا.. ولنتذكر دائما ان الدماغ كأي عضو من الأعضاء الأخري يحتاج الغذاء المناسب, وممارسة أحد أنواع الرياضة ولو الخفيفة منها كالمشي, والابتعاد عن الضغوط النفسية.
|