الموهوبين
الموهوبين
الموهوبين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الموهوبين

الموهوبين
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عيسى عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالسبت يناير 15 2011, 08:25

نحدرت الشمس نحو الغرب حركت الرياح الهواء المعطر حول
أشجار التفاح وأزهار البرتقال‏..‏ وانحدر العطر وبدأ رحلته إلي محراب
مريم‏..‏





وهناك
تسلل من نوافذ المحراب ونشر أجنحته حول العذراء الخاشعة التي تصلي بغير أن
يسمع صوتها أحد وأحست مريم بأن الجو يمتلئ برائحة العطر فجأة‏..‏ وصلت
إليها رسالة الطبيعة فابتسمت وعادت تنخرط في صلاة عميقة تؤدي بها الشكر
لله‏..‏ وحط أحد طيور الكناريا علي شباك المحراب‏..‏ رفع منقاره لأعلي في
اتجاه الشمس وبسط جناحيه ونفض المياه التي استحم فيها فتطاير الرذاذ الخفيف
حوله‏..‏ وتذكرت مريم أنها نسيت أن تسقي شجرة الورد التي نبتت فجأة وسط
صخرتين خارج المسجد‏..‏ أنهت مريم صلاتها وخرجت من المحراب في طريقها إلي
الشجرة‏..‏
لم تكد تتهيأ للخروج حتي نادتها الملائكة‏:‏
يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين
توقفت مريم وازداد شحوب وجهها‏..‏ أضاء المحراب بكلمات الملائكة نوع من
الضوء تبدو الشمس إلي جواره مثل شمعة مطفأة‏.‏
إن مريم تشعر في الأيام الأخيرة بتغيير يشمل روحها وجسمها كله‏..‏ ليست
عندها مرآة لتنظر فيها لكنها تحس بأن لون دم القوة والشباب ينسحب تاركا
مكانه للون أكثر طهرا وأعمق أصالة‏..‏ إنها تحس الشحوب برغم أنها لا
تراه‏..‏ وتشعر بضعف بشري وقوة غير عادية وكلما زاد جسمها نحولا زادت روحها
قوة‏..‏ ملأها هذا الاحساس بالتواضع والعظمة‏..‏ وتسلل إليها الإشفاق من
المسئولية العظيمة التي ألقيت علي كتفيها الرقيقتين‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالأحد يناير 16 2011, 07:06

وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك
واصطفاك علي نساء العالمين‏.‏
بهذه الكلمات فهمت مريم أن الله يختارها‏,‏ ويطهرها ويختارها ويجعلها علي
رأس نساء الوجود‏..‏ هذا الوجود‏,‏ والوجود الذي لم يخلق بعد‏..‏ هي أعظم
فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة‏.‏





وعادت
الملائكة تتحدث‏:‏
يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين
كان الأمر الصادر بعد البشارة ان تزيد من خشوعها‏,‏ وسجودها وركوعها لله‏.‏
ونسيت مريم شجرة الورد وعادت للصلاة‏..‏ لم تعد تحس أنها صغيرة وضعيفة وتقف
وحدها في المحراب‏.‏ إنما أحست أنها تضم قرص الشمس في قلبها‏,‏ وتشرب
خصلات شعرها من ندي الحقول‏,‏ وأحست أن الرحيق الذي يصعد في سيقان أشجار
التفاح يصعد في عروقها‏,‏ وتجمعت كل دموع الأطفال الأبرياء في الدنيا
وانحدرت دمعة واحدة كبيرة من عين العذراء وهي تصلي‏,‏ كانت دمعتها الوحيدة
تضم مذاق اللبن وطراوة النسيم ومرارة أحزان البشر‏.‏
ملأ قلب مريم إحساس مفاجئ بأن شيئا عظيما يوشك أن يقع‏..‏ كانت تحس ذلك
إحساسا غامضا منذ أيام‏..‏ لكن إحساسها يتأكد الآن‏..‏
انحدرت الشمس نحو فراشها واستيقظ الليل‏..‏ وجلس القمر علي عرشه الفضي في
السماء‏,‏ وحوله رعيته من السحاب الجميل الأبيض‏..‏
وجاء منتصف الليل ومريم منهمكة في الصلاة‏,‏ ثم أنهت صلاتها‏..‏ وتذكرت
شجرة الورد فحملت بعض المياه في وعاء وخرجت لتسقيها‏..‏ كانت الشجرة في
مكان يبعد عن المحراب خطوات‏..‏ وكان المكان مهجورا من الناس ولا أحد يقترب
منه‏,‏ كان معروفا أنه محجوز لمريم لتصلي فيه أوتتعبد‏.‏
اقتربت‏(‏ مريم‏)‏ من شجرة الورد وسقتها‏.‏
وفجأة سمعت‏(‏ مريم‏)‏ صوت أقدام تستقر علي الأرض‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالإثنين يناير 17 2011, 09:02


لم تسمع‏(‏ مريم‏)‏ صوت أقدام تسير‏..‏ إنما سمعت صوت أقدام
تستقر علي الحصي والرمل والتراب‏..‏ ملأها الخوف لحظة‏..‏ التفتت الي
جوارها فلم تر شيئا‏..‏ ثم بدأت عيناها تتعودان الضوء فشاهدته يقف هناك‏..‏






ارتعشت‏(‏
مريم‏)‏ ونكست رأسها‏..‏ رأت علي الارض خيالا طويلا‏..‏ وكان هذا غريبا
لدرجة كبيرة‏,‏ فقد كان واقفا في ضوء القمر‏..‏ ولم يكن وراءه مصباح ليكون
هناك خيال‏..‏
وهمست‏(‏ مريم‏)‏ لنفسها‏:‏ من يكون هذا الذي يقف هنا؟ إن وجهه غريب لم تره
من قبل‏..‏ وجبهته مضيئة اكثر من القمر‏..‏
وكأنما قرأ الغريب افكارها فقال‏:‏ السلام عليك يامريم‏.‏
فوجئت‏(‏ مريم‏)‏ أنها امام صوت بشري صادر من انسان قالت‏(‏ مريم‏)‏ قبل ان
ترد عليه السلام‏:‏ إني اعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا‏.‏
ارادت ان تحتمي في الله‏..‏ وسألته هل هو انسان طيب يعرف الله ويتقيه‏..‏
وجاءها الجواب الواثق‏:‏
قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا‏.‏
رفعت مريم رأسها وهي ترتعش انفعالا‏..‏ هذا سيد الملائكة‏,‏ الروح الامين
جبريل عليه السلام‏,‏ وقد تمثل لها بشرا سويا‏..‏
ثم تذكرت بقية جملته فجأة‏..‏ لقد قال انه رسول ربها‏..‏ وانه جاءكي يهبها
غلاما زكيا‏..‏ تذكرت مريم انها عذراء‏..‏ لم يمسسها بشر‏..‏ لم تتزوج‏,‏
ولم يخطبها احد‏,‏ كيف تنجب بغير زواج؟
دارت هذه الأفكار في رأسها فقالت للروح الأمين‏:‏
أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا
قال الروح الأمين‏:‏
كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالثلاثاء يناير 18 2011, 06:51

استقبل عقل‏(‏ مريم‏)‏ كلمات الروح الأمين‏..‏ ألم يقل
لها إن هذا هو أمر الله؟ وكل شيء ينفذ إذا أمر الله‏..‏ ثم أي غرابة في أن
تلد بغير أن يمسسها بشر؟‏!‏ لقد خلق الله تعالي آدم من غير أب أو أم‏.






لم يكن هناك ذكر وأنثي قبل خلق آدم‏.‏ وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من
ذكر بغير أنثي‏..‏ ويخلق ابنها من غير أب‏..‏ يخلق من أنثي بغير ذكر‏..‏
المعجزة تقع عندما يريد الله تعالي أن تقع‏..‏
عاد جبريل عليه السلام يتحدث‏:‏
إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين‏(45)‏ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين‏(46).‏
زادت دهشة مريم‏..‏ إنها تعرف اسم ابنها قبل أن تحمله في بطنها‏..‏ وتعرف
أنه سيكون وجيها عند الله وعند الناس‏,‏ وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو
كبير‏..‏ وقبل أن تطرح سؤالا آخر‏..‏ رأت الروح الأمين يرفع يده ويدفع
الهواء في اتجاه مريم‏..‏ وجاءت نفخة الهواء مضيئة بنور لم تره مريم من
قبل‏..‏ وتسلل هذا النور الي جسدها وملأه فجأة‏.‏
وكما ظهر‏..‏ اختفي الروح القدس بغير صوت‏.‏
وهب الهواء البارد فارتعشت مريم‏..‏ أحست أن عقلها سيهرب منها هروب الطير
الخائف‏..‏ وعادت الي محرابها بسرعة‏..‏ وهناك أغلقت عليها الباب وانخرطت
في صلاة عميقة‏..‏ وبكاء أعمق‏..‏ إنها تحس الفرح‏..‏ والدهشة‏..‏
والاضطراب‏..‏ والسلام العميق‏..‏ وإنها ليست وحدها‏..‏ لم تعد وحدها‏..‏
إن النور يتحول داخل بطنها الي طفل‏..‏ طفل سيصبح عندما يكبر رسولا من رسل
الله خلق بكلمة الله ومن روحه التي ألقاها إلي مريم‏..‏ وستكون رسالته هي
المحبة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالأربعاء يناير 19 2011, 06:46

نامت مريم تلك الليلة نوما عميقا‏..‏ ولم تكد تفتح
عينيها حتي فوجئت بأن المحراب يمتليء بفاكهة ليس هذا أوانها‏..‏ كانت
الفاكهة أكثر مما يأتيها في العادة‏..‏ أدهشها ذلك‏..‏





تذكرت
ما حدث لها أمس قصة زيارتها لشجرة الورد‏..‏ لقاءها بالروح القدس‏..‏ كيف
نفخ الله فيها كلمته‏..‏ عودتها إلي المحراب‏..‏ ثم نومها العميق‏..‏ قالت
مريم لنفسها‏:‏ هل آكل وحدي هذه الفاكهة؟
قال لها صوت داخلي‏:‏ لست وحدك الآن يامريم‏..‏ أنتما اثنان‏..‏ أنت
وعيسي‏..‏ يجب أن تأكلي جيدا‏.‏
وبدأت مريم تأكل‏..‏ ومرت الأيام‏..‏ وكان حملها يختلف عن حمل النساء‏..‏
لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا أحست أن شيئا زاد عليها ولا ارتفع بطنها كعادة
النساء‏..‏ كان حملها به نعمة طيبة‏.‏ وجاء الشهر الأخير من الحمل ومن
العلماء من يقول إن الفاء تفيد التعقيب السريع بمعني أن مريم لم تحمل بعيسي
تسعة أشهر‏,‏ وإنما ولدته مباشرة كمعجزة‏.‏
خرجت مريم ذات يوم إلي مكان بعيد‏..‏ قادتها قدماها إلي مكان يمتليء بالشجر
والنخل‏..‏ مكان لايقصده أحد لبعده ولايعرفه غيرها‏.‏
لم يكن الناس يعرفون أن مريم حامل‏..‏ وأنها ستلد‏..‏ كان المحراب مغلقا
عليها‏..‏ والناس يعرفون أنها تتعبد فلايقترب منها أحد‏.‏
جلست مريم تستريح تحت نخلة عظيمة مرتفعة‏..‏ وراحت تفكر في نفسها‏..‏ كانت
تشعر بألم‏..‏ وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل متقاربة‏.‏
وبدأت مريم تلد‏..‏
فأجاءها المخاض إلي جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالجمعة يناير 21 2011, 07:50

إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة آلاما أخري
لم تتوقعها ولم تقع بعد‏:‏ كيف يستقبل الناس طفلها هذا؟ وماذا يقولون عنها؟





إنهم
يعرفون أنها عذراء‏..‏ فكيف تلد العذراء؟‏!‏ هل يصدق الناس أنها ولدته
بغير أن يمسها بشر‏..‏ وتصورت نظرات الشك‏..‏ وكلمات الفضول‏..‏ وتعليقات
الناس‏..‏ وامتلأ قلبها الطاهر بالحزن‏..‏ ولم تكد مريم تنتهي من تمنيها
الموت والنسيان‏..‏ حتي ناداها الطفل الذي ولد‏:‏
فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا‏(24)‏ وهزي إليك بجذع
النخلة تساقط عليك رطبا جنيا‏(25)‏ فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من
البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا‏(26).‏
نظرت مريم إلي المسيح‏..‏ ما أنبل وجهه‏..‏ لم يكن وجهه أحمر مجعدا مثل من
يولد‏..‏ لكنه كان ناعما أبيض‏..‏ وقد ارتسم عليه الطهر والمحبة‏..‏ وكان
الطفل يرقد علي حشائش الأرض الخضراء ويتكلم‏..‏ يحدثها أن تكف عن حزنها‏..‏
ويطلب إليها أن تهز جذع النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية‏..‏
فلتأكل‏..‏ ولتشرب‏..‏ ولتمتلئ بالسلام والفرح ولا تفكر في شيء‏..‏ فإذا
رأت من البشر أحدا فلتقل لهم إنها نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم
إنسانا‏..‏ ولتدع له الباقي‏.‏
ونظرت مريم إلي المسيح بحب‏..‏كان طفلا لم يزل مولودا منذ لحظات‏..‏ لكنه
يحمل مسئولية أمة علي كتفيه‏..‏ كما سيحمل بعد ذلك آلام الفقراء علي
كتفيه‏.‏
ومدت مريم يدها إلي النخلة الضخمة‏..‏ ولم تكد تلمس جذعها حتي تساقط عليها
رطب شهي‏..‏ فأكلت وشربت ولفت الطفل في ملابسها‏..‏ وألصقته بقلبها
واستسلمت لعذوبة النوم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالسبت يناير 22 2011, 08:19


كان عقل‏(‏ مريم العذراء‏)‏ مثل طائر لايكف عن الطيران
السريع والهبوط المفاجئ‏.‏ ان تفكيرها لايكاد يستقر علي غصن من أغصان
السلام والراحة حتي يهتز ذهنها بشئ فيطير الهدوء ويعاودها القلق‏.‏ إن
تفكيرها كله يدور حول مركز واحد‏:‏ هو عيسي‏,‏






وهي
تتساءل بينها وبين نفسها‏:‏ كيف يستقبله اليهود؟ ماذا يقولون عنه؟ هل يصدق
أحد من كهنة اليهود ــ وهو بعيد عن السماء ــ ان السماء هي التي رزقتها
بطفل؟ إن موعد خلوتها ينتهي ولابد ان تعود إلي قومها‏..‏فماذا يقول الناس؟
كان الوقت عصرا حين عادت مريم‏,‏ وكان السوق الكبيرة التي تقع في طريقها
إلي المحراب تمتلئ بالناس الذين فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يثرثرون‏,‏
لم تكد مريم تتوسط السوق حتي لاحظ الناس انها تحمل طفلا وتضمه لصدرها وتمشي
به في جلال وبطء‏.‏
تساءل أحدهم‏..‏أليست هذه مريم العذراء؟ طفل من هذا الذي تحمله علي صدرها؟
وقال آخر‏:‏ هو طفلها‏..‏تري أي قصة ستخرج بها علينا؟ وسقطت الكلمة من فم
الرجل علي الأرض وكانت الأرض موحلة بسبب المطر العظيم الذي سقط ليلة
الأمس‏,‏ وكانت هناك عقول أشد اتساخا من وحل الأرض‏..‏في البداية حاصرتها
الأسئلة‏:‏
ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لاتردين؟ هل هو ابنك قطعا‏..‏كيف جاءك ولد وأنت
عذراء؟‏!‏
يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا‏.(‏ سورة مريم
الآية‏82)‏
راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس تومض عيناها بالكبرياء
والأمومة ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة فلما زادت الأسئلة وضاق الحال
وانحصر المجال وامتنع المقال اشتد توكلها علي ذي الجلال وأشارت
إليه‏..‏أشارت بيدها لعيسي‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالثلاثاء يناير 25 2011, 08:48

أشارت‏(‏ مريم العذراء‏)‏ بيدها لعيسي‏..‏ واندهش
الناس‏..‏ فهموا أنها صائمة عن الكلام‏,‏ وترجو منهم أن يسألوه هو كيف
جاء‏..‏ تساءل الكهنة ورؤساء اليهود‏,‏ كيف يوجهون السؤال لطفل ولد منذ
أيام‏..‏ هل يتكلم طفل في لفافته؟‏!‏ قالوا لمريم‏:‏





كيف
نكلم من كان في المهد صبيا‏.‏
قال عيسي‏:‏
إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا‏(30)‏ وجعلني مباركا أين ما كنت
وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا‏(31)‏ وبارا بوالدتي ولم يجعلني جبارا
شقيا‏(32)‏ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا‏.‏
لم يكد عيسي ينتهي من كلامه حتي كانت وجوه الكهنة والأحبار ممتقعة
وشاحبة‏..‏ كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة‏..‏ هذا طفل يتكلم في
مهده‏..‏ طفل جاء بغير أب‏..‏ طفل يقول إن الله قد أتاه الكتاب وجعله
نبيا‏..‏ هذا يعني أن سلطتهم في طريقها إلي الانهيار‏..‏ سيصبح كل واحد
فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا الطفل‏..‏ لن يستطيع أن يبيع الغفران
للناس‏,‏ أو يحكمهم عن طريق إدعائه أنه ظل السماء علي الأرض‏,‏ أو باعتباره
الوحيد العارف في الشريعة‏..‏ شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية التي
جاءتهم بميلاد هذا الطفل‏.‏
إن مجرد مجئ المسيح يعني إعادة الناس إلي عبادة الله وحده‏..‏ وهذا معناه
إعدام الديانة اليهودية الحالية‏..‏ فالفرق بين تعاليم موسي وتصرفات اليهود
كان يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات‏.‏
وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد عيسي وكلامه في المهد‏.‏
واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم‏..‏ اتهموها بالبغاء‏,‏ يرغم أنهم عاينوا
بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد‏..‏ وأسدل الستار مؤقتا علي القصة‏.‏
تسربت أنباء قصة ميلاد عيسي إلي الحاكم الروماني
هيرودوس الذي كان يحكم الفلسطينيين واليهود بقوة السيف ورعب الدماء وكثرة
الجواسيس والخوف‏.‏





كان
يجلس في قصره حين وصلت إليه أخبار غامضة عن طفل ولد بغير أب‏..‏ طفل يقال
إنه تكلم في المهد‏..‏ وقال كلاما كثيرا يهدد سلطان روما ويقلقل الكرسي
بالتالي تحت جسم هيرودوس‏.‏ جن جنون الحاكم الروماني وأمر بعقد اجتماع
مفاجئ لكبار ضباطه وجواسيسه‏.‏
وانعقد الاجتماع علي الفور‏..‏ جلس هيرودوس بوجهه الأسود اللامع وأجال بصره
في جواسيسه وسأل‏:‏
ـ ما آخر أخبار الطفل الذي تكلم في مهده؟
رد أحدهم‏:‏ بلغني أن ثلاثة من حكماء المجوس جاءوا وراء نجم رأوه يلمع في
السماء‏..‏ وأن هذا النجم يشير لميلاد طفل معجزة‏..‏ طفل سيخلص شعبه‏.‏
ـ سأل الحاكم‏:‏ يخلص شعبه ممن؟
ـ قال الجاسوس‏:‏ لم يعرف رجالي‏,‏ وقد اختفي الحكماء الثلاثة فلم يعثر أحد
لهم علي أثر‏.‏
قفز الحاكم من مقعده قائلا‏:‏ إن رءوسكم جميعا ستطير إذا لم تحضروا لي
القصة الكاملة لهذا الطفل‏..‏ ما هذه الفوضي؟‏!‏
انصرف الرجال‏..‏ وجلس الحاكم يفكر في الموضوع‏..‏ كان الموضوع يثير قلقه
بشكل واضح‏..‏ لم يكن يهمه أن ينزل دين جديد للناس‏,‏ إنما كان يهمه سلطان
روما الذي يمثله هو‏..‏ وقرر الحاكم أن يستدعي كبير كهنة اليهود ليسأله في
هذا الموضوع‏.‏
لم تمض ساعة حتي كان كبير كهنة اليهود ينحني أمام
الحاكم هيرودوس الذي بادره قائلا‏:‏ سمعت أخبارا متضاربة عن طفل ولد وتكلم
في مهده‏,‏ وقال إنه سيخلص شعبه‏..‏ ما حقيقة القصة.





كان
الكاهن قد رأي عيسي يتكلم في مهده‏..‏ وكان يدرك أنه لو قال هذا فسوف يثير
المتاعب لنفسه واختار أن يكذب نصف كذبة‏..‏ فقال للحاكم إنه سمع عن
القصة‏,‏ ولكنه يشك فيها‏.‏
سأل الحاكم وفضوله يزداد‏:‏ هل صحيح أن ديانتكم تتحدث عن قدوم مخلص لشعبكم؟
قال الكاهن‏:‏ هذا صحيح ياصاحب الجلالة
قال الحاكم‏:‏ هل تعرف أن هذه مؤامرة ضد أمن الدولة الرومانية؟
قال الكاهن وهو يتراجع‏:‏ إن هذه نبوءة قديمة‏..‏ صدرت عندما كان الشعب
أسيرا في بابل منذ مئات السنين‏.‏
قال الحاكم‏:‏ هل هناك من يصدق هذه النبوءة الآن؟ هل تصدقها أنت شخصيا؟ هل
رأيت هذا الطفل الذي يقولون إنه ولد بغير أب؟
قال الكاهن‏:‏ هل صدق سيدي الملك أن هناك إنسانا يولد من غير أب؟ هذه أحلام
الشعوب‏.‏
قال الحاكم‏:‏ لا شئ يطرد النوم من عيون الحاكم غير أحلام الشعوب‏..‏ انصرف
أيها الكاهن‏.‏
لم يكد الكاهن يمضي حتي كان هيردوس يفكر‏..‏ ماذا لو كان هذا الكاهن يكذب؟
لقد رأي في عينيه وميض الكذب‏..‏ وهو يعرف هذا الوميض لأنه كاذب هو
الآخر‏..‏ ثم ما قصة الحكماء الثلاثة الذين يتتبعون نجما؟ هل هناك مؤامرة
ضد روما وهو لا يعرف؟
صرخ الحاكم في كبير ضباطه أن يقبض علي كل من سمع هذه القصة أو شاهدها‏..‏
وأن يبحث فورا عن عذراء ولدت طفلا‏..‏ وأن يقتل كل الأطفال المولودين في
هذا الوقت نفسه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالأربعاء يناير 26 2011, 07:42


جاءها إنسان لم تره من قبل‏..‏ ألقي عليها السلام وأمرها
بأمر‏:‏






احملي
طفلك يامريم واخرجي الي مصر‏..‏
سألت مريم بخوف‏:‏ لماذا؟ كيف أخرج وحدي إلي مصر؟ كيف أعرف الطريق؟
قال الغريب‏:‏ اخرجي تحرسك عناية الله‏..‏ إن الحاكم الروماني يبحث عن طفلك
ليقتله‏.‏
سألت مريم‏:‏ متي أخرج؟
قال الغريب‏:‏ الآن‏..‏ ولاتخافي شيئا‏.‏
وخرجت مريم الي مصر‏..‏ قطعت صحراء سيناء مع قافلة كانت تتجه إلي مصر‏..‏
سارت تحمل عيسي في نفس الطريق الذي سار فيه موسي من قبل حين ظهرت له النار
المقدسة ونودي من جانب الطور الأيمن‏.‏ وصلت الي مصر بعد رحلة طويلة
شاقة‏..‏ وكانت مصر بخيرها الكثير‏,‏ وسماحتها وثقافتها واعتدال جوها خير
مكان ينشأ فيه عيسي‏..‏وفي مصر عاش المسيح طفولته وصباه‏,‏ ثم جاء مريم نفس
الغريب الذي امرها ان ترحل من فلسطين‏,‏ وأمرها هذه المرة أن تعود
لفلسطين‏.‏
قال لها‏:‏ هلك الملك الظالم فعودي بابنك يا مريم‏..‏ جاء الوقت علي الخير
ليعتلي عرشه‏..‏ سيكون عرشه قلوب الفقراء والتعساء والصادقين‏..‏ عودي
يامريم‏..‏
عادت مريم‏..‏ ومرت مياه كثيرة في نهر الأردن‏..‏ وكبر عيسي وأدرك
الشباب‏..‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالخميس يناير 27 2011, 07:31

خرج عيسي من بيته في طريقه إلي المعبد اليهودي‏..‏
كان اليوم هو السبت‏..‏ لم يكن هناك بيت يهودي يستطيع ان يوقد نارا أو
يطفئها في هذا اليوم‏..‏ ممنوع ان تعجن امرأة عجينها‏.‏ أو ان يغسل غلام
كلبه‏,‏ أو ان تضفر فتاة شعرها‏.‏





كان
موسي قد امر باحترام يوم السبت وتخصيصه لعبادة الله‏..‏ وذهبت الحكمة من
احترام يوم السبت‏,‏ وبقي يوم السبت نفسه ميدانا حصينا لتطبيق النصوص
الحرفية الجامدة‏..‏ صار اليوم مقدسا عند اليهود واحاطوه بسياج من التقاليد
الشكلية الجوفاء‏,‏ وركزوا علي اهتمامهم في حفظه حفظا حرفيا لاتهاون
فيه‏,‏ اذ كانوا يعتقدون انه كان محفوظا في السماء قبل ان يخلق الله
الإنسان ـ كما اعتقدوا ـ حين سقطت هممهم ـ ان بني إسرائيل قد اختيروا لغرض
واحد فقط هو حفظ يوم السبت‏,‏ وقد أدي حفظهم له علي هذا النحو إلي تسييجهم
له بأكبر عدد من المحظورات‏,‏ ووضع مجلس اليهود الاعلي تشريعات تحرم مئات
الأمور يوم السبت‏..‏ محرم لبس الأسنان الصناعية يوم السبت‏..‏ ومحرم علي
المريض ان يضع ضمادة أو يدهن موضع الألم أو يستدعي الطبيب‏..‏ محرم كتابة
حرفين هجائيين يوم السبت‏..‏ الحصاد والدراس ممنوعان يوم السبت‏..‏ أي رحلة
في يوم السبت ينبغي الاتزيد علي ألفي ياردة‏..‏ وكذلك يحرم حمل شيء خارج
البيت‏.‏
تصور المحافظون علي الشريعة ان الغرض الاسمي من وجودهم هو اقامة السياجات
التي تصون الشريعة‏,‏ والاصل ان كثرة التشريعات والمحظورات والقوانين تعني
زيادة الفساد أو تعين عليه في ابسط الظروف‏,‏ وكلما ولد شيء محظور ومحرم‏,‏
كان يولد معه في الوقت نفسه اسلوب للتحايل عليه والنفاذ منه وابطاله‏.‏
وهكذا امتازت حياتهم بهذا التناقض الذي يتمثل في وجود شكل خارجي تتم
المحافظة عليه‏,‏ وحقيقة داخلية تهدرها التصرفات تماما‏.‏
ورغم ان اليوم هو السبت‏..‏ فقد مد عيسي يده إلي ثمار حقل واخذ منه ثمرتين
أعطاهما لطفل جائع‏..‏ وكان هذا التصرف يعد خارجا علي الديانة اليهودية‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالخميس فبراير 10 2011, 08:09

سار عيسي قاصدا المعبد‏..‏ يسير الناس في الشوارع حوله
وهم يتخايلون في ملابسهم الملونة الثمينة‏..‏ وهو يسير في ردائه المصنوع
من الصوف الفقير الخشن فيبدو عليه أعظم بهاء من ملابس ملوك الرومان‏.‏





كان
عيسي يعلم أن الديانة الحقيقية ليست هي طاعة الشكل الخارجي‏,‏ بينما القلب
بعيد عن التواضع‏..‏ ولهذا السبب كان عيسي ينزع قشور الثمار ويطعم
المخلوقات يوم السبت‏..‏ وكان يشعل النار للعجائز حتي لا يقتلهم البرد‏.‏
وصل عيسي إلي المعبد ووقف داخله‏,‏ وطاف ببصره حوله‏..‏ كان عيسي يشبه نقطة
الضوء الوحيدة في المكان‏..‏ وكان الله لم يأمره بعد أن يفرش هذا الضوء
لأكبر عدد من الفقراء والتعساء والحزاني‏.‏ كان كلما أدار وجهه حوله وجد
كهنة‏..‏ كان هناك عشرون ألف كاهن‏,‏ أسماؤهم مسجلة في الهيكل‏..‏ يتعيشون
منه‏,‏ ويقبضون مرتباتهم من خزائنه‏,‏وكانت حجرات المعبد تمتليء بالآلاف
منهم في ملابس الحفلات‏..‏ هؤلاء هم اللاويون بقبعاتهم المدببة‏,‏ وهؤلاء
هم الفريسيون بملابسهم البنفسجية الواسعة ذات الأطراف المنسوجة بالذهب‏.‏
وهؤلاء هم خدم الهيكل الرسميون في ملابسهم البيضاء‏,‏ وهؤلاء هم
الصدقيون‏,‏ وهم طائفة الكهنة الأرستقراطيين التي تتحالف مع السلطة الحاكمة
وتثري عن طريق هذا التحالف‏.‏
لاحظ عيسي أن عدد زوار الهيكل أقل من عدد الكهنة ورجال الدين‏.‏ كان المعبد
يمتليء بالخراف والحمام التي يشتريها زوار المعبد لتقديمها قرابي إلي
الله‏..‏ قرابين تذبح داخل المعبد فوق المذبح‏.‏
كانت كل خطوة داخل المعبد تكلف السائر نقودا‏..‏ هنا في المعبد اليهودي
يتكشف جوهر الحياة آنذاك‏..‏ إن القيمة الحقيقية التي عبدها الناس في هذا
الزمان كانت هي النقود‏..‏ صار الترف المادي أو الثراء هو القيمة الوحيدة
التي يتصارع عليها الناس جميعا‏,‏ لا فرق في ذلك بين رجال الشريعة أو رجال
الحياة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالسبت فبراير 12 2011, 08:37

طاف عيسي بعينيه في المكان‏..‏ لاحظ الفقراء الذين لا
يستطيعون شراء الأضحية ولا تقديم القرابين‏..‏ لاحظ كيف يعاملهم الكهنة
ويهشونهم كالذباب‏..‏





فكر
عيسي بينه وبين نفسه‏..‏ لماذا يحرقون الحيوانات ويذهب لحمها دخانا في
الهواء‏,‏وهناك آلاف الفقراء يموتون جوعا خارج المذبح؟‏!‏ ولماذا يجب علي
الفقراء أن يستدينوا لينفقوا نقودهم في شراء حيوانات الذبيحة؟ ولماذا لا
تصلح إلا الذبائح التي يربيها الكهنة؟ وماذا يفعل الكهنة بهذه النقود؟
وأخيرا‏..‏ أين مكان الفقراء في المعبد؟‏!‏
وانصرف عيسي من المعبد وخرج من المدينة كلها الي الجبل‏..‏ كان صدره يشتعل
بغيرة مقدسة علي الحق‏,‏ وكان وجهه يزداد شحوبا ونقاء وحزنا علي امتلاء
الدنيا بالشرور‏..‏ ووقف عيسي فوق تلال الناصرة وصف قدميه وبدأ يصلي‏..‏
انحدرت دموعه من عينيه الي خديه الي الأرض‏..‏ طالت وقفته واشتد بكاؤه‏,‏
وفي هذه الليلة المباركة قبض من الأرض روحا نبيين كريمين هما‏:‏ يحيي
وزكريا‏..‏ قتل الاثنان بيد السلطة الحاكمة‏.‏
نقصت الأرض كثيرا من الخير حين قبضا‏..‏ وفي الليلة نفسها نزل الوحي علي
عيسي بن مريم‏,‏ وصدر له أمر الله تعالي أن يبدأ دعوته الي ملكوت السماء‏.‏
انتهي الأمر‏,‏ وأغلق عيسي بن مريم الصفحة الناعمة من حياته‏..‏ صفحة
التأمل والعبادة‏,‏ وبدأت رحلته الشاقة المملوءة بالألم‏..‏ بدأت رحلته
للدعوة الي الله‏..‏ بدأ دعوته الي قيام مملكة تقوم علي التواضع والحب‏..‏
الي خلاص الروح‏..‏ الي الإيمان بقيامة الأموات ووجود يوم يحاسب فيه البشر
عما فعلوا‏..‏
إن الشريعة الموسوية تنص علي القصاص‏..‏ من ضربك علي خدك الأيمن فأضربه علي
خده الأيمن‏..‏ كيف كان اليهود يطبقون شريعة القصاص؟ اذا كان المضروب
قادرا‏,‏ نسف بيت الضارب ولم يكتف بضربه علي خده الأيمن‏,‏ واذا كان غير
قادر‏,‏ ضربه علي خده الأيمن وامتلأ قلبه بالحقد لأنه لم يدمر بيته‏.‏
كانت الكراهية هي المرفأ الذي رست فيه شريعة موسي‏,‏ برغم أنه كان رجلا من
رجال الحب الإلهي الكبار‏,‏ وها هي شريعته ينتهي بها الأمر علي أيدي القلوب
الميتة الي موانئ الحقد‏..‏ كيف يتصرف عيسي إزاء هذا كله؟


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالأحد فبراير 13 2011, 08:13

بعث عيسي مؤيدا للتوراة كما أنزلها الله عز وجل علي
موسي‏,‏ لا يهدم نبي عمل نبي سابق‏.‏ كل الأنبياء حلقات في سلسلة واحدة
هدفها النقاء والحق وتوحيد الأحد‏.‏ كيف يتصرف إزاء شريعة القصاص الموسوية.





كان
تصرف عيسي إلهاما من خالقه سبحانه‏.‏
رد عيسي القوم إلي الغرض الأصلي من الشريعة‏,‏ ردهم إلي حكمتها الداخلية
الأصيلة‏..‏ ردهم إلي الحب‏.‏ لن يقول المسيح لمن يضربه علي خده الأيمن
شيئا‏..‏ لن يسعي إلي ضربه علي خده الأيمن‏..‏ سيدير المسيح له خده
الأيسر‏.‏ هذه هي شريعة عيسي‏..‏ لا تختلف شيئا عن شريعة موسي‏..‏ هي عمق
بعيد من أعماق شريعة موسي‏..‏ هي العمق الأخير لهذه الشريعة‏.‏
يريد عيسي أن يفهم القوم من حوله أن الشريعة ليست أن تنتقم لنفسك وتضرب‏.‏
الشريعة الحقيقية أن تسامح وتعفو وتحب‏..‏ تصير قادرا علي الحب‏.‏ ليست
القدرة علي الحب أمرا في طاقة البشر جميعا‏,‏ وليست حاسة تولد بميلادهم‏,‏
إنما هي نهاية طريق من المعاناة والألم وهي بداية الوجود الإنساني
الحقيقي‏.‏ إن عديدا من وحوش الغاب والدواب تحب أنفسها‏,‏ وتقاتل من أجل
الطعام والشراب‏,‏ وتطعم أبناءها وتدخر لهم‏.‏ الفرق بين الإنسان والحيوان
هو فارق في درجات الحب‏..‏ إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن
يتجاوز ذاته بالحب إلي ذوات الآخرين‏,‏ وفي ذلك يكمن مجده وإنسانيته‏.‏
أفهم المسيح قومه أن الإنسان لا يصير إنسانا إلا إذا انخلع من ذاته وأحب
الآخرين‏.‏ وكلما ازداد القلب الإنساني اقترابا من أبعد الناس عنه هناك
يقترب الإنسان من إنسانيته‏.‏
‏,‏سمعتم أنه قيل فلتحب قريبك ولتبغض عدوك‏..‏ أما أنا فأقول لكم أحبوا
أعداءكم‏..‏ باركوا لأعينكم‏..‏ أحسنوا إلي مبغضيكم‏.‏ وصلوا من أجل الذين
يسيئون إليكم ويضطهدونكم‏].‏ إنجيل متي‏..‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالإثنين فبراير 14 2011, 09:52

وسط عصر مادي مترف شديد الاهتمام بالغني‏..‏ وسط عالم يعبد الذهب وتسوده
القسوة ويحكمه الجشع وتمضي به الشكليات‏..‏ ظهرت دعوة المسيح كرد فعل مثالي
عظيم السمو والنقاء‏..‏ كان المسيح يعرف أنه يدعو الناس لاتخاذ سلوك مثالي
في الحياة‏,‏ كان المسيح يعرف أن دعوته مثالية‏,‏ لكن هذه المثالية ـ في
ذلك الوقت بالتحديد ـ كانت هي الحل الوحيد لشفاء الحياة من بؤسها وأمراضها
الحاكمة‏.‏
كان المسيح يعرف أن الناس جميعا لا يستطيعون الوصول الي القمة التي يشير
إليها ويبشر بها ويتحدث عنها ويدعو إليها‏,‏ ولكن كان يكفيه أن يبذل كل
واحد جهده في الصعود قليلا حتي ينجو‏.‏
كان عيسي يريد إحياء الروح الإنسانية‏,‏ وقيادته الي النور الخالق‏,‏ ولهذا
السبب جاء عيسي مؤيدا بالروح القدس‏,‏ والروح القدس هو جبريل عليه
السلام‏.‏
ونحن لا نعرف الكيفية التي أيد الله تعالي بها عيسي‏..‏ هل صحبه جبريل
ولازمه طوال بعثته؟ إن جبريل عليه السلام يتنزل علي الأنبياء بالرسالات أو
بالمعجزات‏,‏ أو ينزل علي قومهم بالعقوبات‏,‏ لكنه لا يمكث معهم طيلة
الوقت‏,‏ لقد كان في حياة عيسي شيء ملائكي‏..‏ وكانت لديه قدرة خارقة علي
المعجزات‏,‏ وبلغت قدرته حد إحياء الموتي بإذن الله‏,‏ كما بلغت قدرته حد
النفخ في طين صنع كهيئة الطير بإذن الله‏.‏
لم يكن عيسي يقرب النساء أيضا‏..‏ عاش حياته كلها لم يمس امرأة ولم
يتزوج‏..‏ وهذه صفة ملائكية أيضا‏,‏ فقد كان معظم أنبياء الله يتزوجون‏,‏
عاش عيسي حياته متبتلا كابن خالته يحيي‏..‏ واذا كان يحيي ناسكا يعيش في
الجبال والصحاري‏,‏ ويبيت في المغارات والكهوف‏,‏ فالأمر يبدو طبيعيا
بالنسبة له‏,‏ أما عيسي فعاش وسط مجتمع المدينة‏..‏ وليس لاستغنائه عن
النساء كلية‏,‏ وليس لمعجزاته الباهرة المتصلة بالروح في رأينا غير تفسير
واحد‏,‏ هو تأييده بروح القدس طيلة الفترة التي استغرقتها دعوته‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالثلاثاء فبراير 15 2011, 10:15

ل تعالي في سورة المائدة‏:‏ إذ قال الله يا عيسي ابن
مريم اذكر نعمتي عليك وعلي والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في
المعهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من
الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص
بإذني وإذ تخرج الموتي بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات
فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين‏,110]‏







وإذ أوحيت إلي الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا
مسلمون‏,111]‏
تحدد الآيات السابقة خمس معجزات لعيسي‏.‏ الأولي‏:‏ تكليمه الناس في
المهد‏.‏ الثانية‏:‏ تعليمه التوراة‏..‏ وكانت التوراة التي أنزلت علي موسي
قد اختفت تحت ركام التحويرات والتبديلات والتفسيرات والتخريجات المتعاقبة
لفقهاء اليهود‏.‏ الثالثة‏:‏ تصويره من الطين كهيئة الطير ثم النفخ فيه
فيكون طيرا‏..‏ الرابعة‏:‏ إحياؤه الموتي‏.‏ الخامسة‏:‏ إبراؤه الأكمه‏(‏
من ولد أعمي‏)‏ والأبرص وهو المريض بجلده ولا شفاء له‏.‏
وكانت المعجزة السادسة هي إنزال المائدة من السماء بطلب الحواريين وهناك
معجزة سابعة وردت في سورة آل عمران‏,‏ وهي إخباره عليه السلام بأمور غائبة
عن حسه ولم يعاينها‏,‏ فقد كان ينبئ صحابته وتلاميذه بما يأكلون وما يدخرون
في بيوتهم‏..‏
من حق القارئ أن يتساءل‏:‏ لماذا جاءت معجزات عيسي من هذا النوع؟ نعرف أن
المعجزة أمر خارق يؤيد به الله تعالي نبيه‏,‏ ولكي يكون التأييد متكاملا
ينبغي أن تجيء المعجزة مناسبة لعصرها متفقة مع زمانها بحيث تؤثر في نفوس
القوم‏,‏ وتهز أعماقهم‏,‏ وتجعلهم يؤمنون بأن صاحب هذه المعجزة نبي أرسله
الله تعالي‏.‏
لقد بعث عيسي لقوم ماديين ينكرون الروح تماما‏..‏ ووسط هذا العصر
المادي‏..‏ كان منطقيا أن تجيء معجزات عيسي إعلانا لعالم الروح‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 1631
تاريخ التسجيل : 16/02/2010

عيسى عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى عليه السلام   عيسى عليه السلام Emptyالأربعاء فبراير 16 2011, 06:14






انطلق عيسي في دعوته إلي الله‏.‏
قامت دعوته علي أساس أنه لا توسط بين الخالق والمخلوق‏,‏ لا توسط بين العابد والمعبود‏,‏
وأنزل الله تعالي عليه الإنجيل وهو كتاب مقدس‏,‏ جاء تصديقا للتوراة‏,‏ وجاء إحياء لشريعتها الأولي‏,‏ وجاء مؤيدا للصحيح من أحكامها‏,‏ وكان
الإنجيل نورا وهدي وموعظة للمتقين‏.‏
وقد اصطدم عيسي بتفسير اليهود الحرفي للشريعة‏,‏ وطمأن
عيسي الغيورين علي الشريعة
والحقيقة‏,‏ بأنه لم يأت لينقض الشريعة‏,‏ وإنما جاء يكملها
ويتمم نبوءات الأنبياء‏,‏ غير أنه في تفسيره للشريعة‏,‏
تجاوز قشورها وحرفيتها
إلي حقيقة جوهرها‏.‏
أفهم عيسي اليهود أن الوصايا العشر لموسي تنطوي علي معان
أعمق مما يتصورون‏,‏ إن الوصية السادسة لا تنهي عن القتل المادي فقط كما فهموها‏,‏ وإنما
تنسحب علي كل اعتداء وكل
إساءة للآخرين مهما يقل شأنها‏,‏ والوصية السابعة لا
تنهي عن الزنا‏(‏ بمعني اتصال رجل بامرأة ليست من حقه‏),‏
وإنما تنسحب علي كل أنواع الزنا‏,‏ وتستطيع العين أن تزني لو نظرت لما ليس من حقها باشتهاء ورغبة‏.‏
قال عيسي‏:‏ إنه أفضل للإنسان أن يستغني عن عينه التي تستطيع
أن تهلكه‏,‏ بدلا
من أن يهلك معها‏.‏
كانت الشريعة تنهي عن الحنث باليمين ونكث العهد فأفهم
عيسي قومه أنه ينبغي
الامتناع عن الحلف والقسم امتناعا تاما‏,‏ لأنه خطأ عظيم أن يصير اسم الله تعالي مبتذلا علي ألسنة الناس إنجيل
متي‏12 - 84 اصطدم عيسي أيضا بتلك الثنائية التي يعامل بها الناس بعضهم بعضا‏,‏ فبينما يقبل الناس
لأنفسهم الخير‏,‏
نراهم يقدمون الشرور لغيرهم‏.‏ لذا أوصي عيسي بن مريم الناس بأن يسيروا في معاملة بعضهم البعض بمقتضي القاعدة
الذهبية التي تقول‏:‏
كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم‏,‏ فافعلوه أنتم أيضا بهم‏.‏





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noor.3oloum.com
 
عيسى عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النص الأول ( سفينة نوح عليه السلام) الترم الثاني
» 50 معلومه عن الحبيب صلى الله عليه و سلم
» من هو المصطفى (صلى الله عليه وسلم )
» محمد‏ صلى الله عليه وسلم.. خلق التواضع
» أسطوانة غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الموهوبين :: روايات :: مما قرأت-
انتقل الى: